شيئ من الماضي

أصغر مني بسنوات قليلة جداً .... طويل طول النيل في مجراه .. حاد النظرات .. قسي التعابير .. قرقدي (مفلفل) الشعر.. كان ولا يزال يحتسي كباية الشاي الأحمر وهي مدخنة دفعة واحدة !! كنّا في بعض الأماسي عندما نختلس بعض الطرادات (25 قرش) من جزالين أو جزلانات (محافظ) أهلنا المنتفخة بأوراق بالية أظنها تعاويذ من الحسد والشياطين .. كنّا نعد العده ولا نتغداء في ذاك اليوم إستعداداً لعشاء فاخر في محطة 7 يتبعه شاي لبن مدنكل من كشك الطيب النظيف ...
كنت في تلك الحقبة أستغرب كيف يأكل صديقي سمك جبل أولياء دون تمحيص .. فقد كان يلتهمه بنهم وشوق فتاة مراهقة شبقة .. وكان الشوك يتناثر من فكيه كرذاذ عطر مغتربة. ظللنا لسنوات إمتدت كبرش الصلاة .. وإفترقنا !!!
كادت معالمه الإستوائية أن تمحى من ذاكرتي ... وفجأة في أحد أماسي شهر إبريل الماضي عندما كنت مدعواً لأحد المعارض بدولة صغيرة مجاورة برز لي صديق الماضي من أقصى الحضور كئيب المنظر .. شاخص البصر .. عليل القامة .. أشفقت .. أدميت عليه دموعي لتشفع له ..!!! أسكرني بقسوة سرده لقضية جفاف الأمل ......!!!!!!!!!
لم أطيب خاطره أو أطبطب على أنفاسه الخانقة .... شيعته وكلي أمل أن لا نلتقى .... ولن نلتقي..............